كل حب الدنيا. رياض الجنة: حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَة» (1)

وإن خير عيش يناله أهل الجنة في الجنة إنما كان بما زرعوه فيها, وفيها مساجد أنبياء الله, ومهبط وحيه, وبيوت عبادته, ومصلى ملائكته, ومتجر أوليائه, وفيها اكتسبوا رحمة الله, وربحوا فيها العافية, وفيها قرة العيون، وسرور القلوب، وبهجة النفوس، ولذة الأرواح بذكر الله ومعرفته، وعبادته ومحبته، والتوكل عليه، والإنابة إليه، والأنس به، ولذة مناجاته، والإقبال عليه, وفيها كلام الله ووحيه وهداه غير أنّ كلّ امرئ يرى الكمال في شيء ما حسب حاله ومقامه، فيتوجّه قلبه إليه
فأهل الدنيا توهّموا أن ما تصبو إليه فطرتهم من كمال موجود في هذه الدنيا، فانكبّوا لتحصيلها وتعميرها ولكن لمّا كان التوجّه الفطريّ والعشق الذّاتيّ قد تعلّقا بالكمال المطلق، كان ما عدا ذلك من التعلّقات عرضياً ومن باب الخطأ في التطبيق

رياض الجنة: حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَة» (1)

وإن كل خطيئة في العالم أصلها حب الدنيا، فجميع الأمم المكذبة للرسل والأنبياء إنما حملهم على كفرهم، وتسبب في هلاكهم حب الدنيا, فإن الرسل لما دعوهم إلى الإيمان، ونهوهم عن الشرك والمعاصي التي كانوا يكسبون بها الدنيا، حملهم حبّها على مخالفتهم وتكذيبهم.

8
حب الدنيا
حب الدنيا
وعليه فإنّ عالَم الملك، وهو مظهر الجمال والجلال وحضرة الشهادة المطلقة، ليس مذموماً بهذا المعنى، بل المذموم هو دنيا الإنسان نفسه، أي التوجّه إليها والتعلّق بها وحبّها، وهذا هو منشأ كلّ المفاسد والخطايا القلبية والظاهرية، كما جاء عن الإمام الصادق عليه السلام حيث قال: "رأس كلّ خطيئة حبّ الدنيا"6
حب الدنيا
فكلّ ما لك فيه حظّ وغرض ونصيب وشهوة ولذّة قبل الموت، فهي الدنيا في حقّك
ولعلّ خطيئة آدم أبي البشر نجمت عن هذا التوجّه القهريّ نحو تدبير الملك والحاجة الاضطرارية إلى القمح وسائر الأمور الطبيعية، وهذه تُعتبر خطيئة بالنسبة إلى أولياء الله المنجذبين إليه
الدنيا المذمومة الدنيا التي ذمّها وحثت على تركها، تشمل جميع ما يتنعم به الإنسان ويسعى لتحصيله ويعدّه لنفسه من أموال وأولاد، إذا كانت من أو مقدمة للحرام وغاية ذي الرياسة أن يكون كفرعون الذي أغرقه الله في اليم انتقاماً منه

حب الدنيا رأس كل خطيئة

فصاحب الشهوة كلّما ازدادت أمامه المشتهيات، ازداد تعلّق قلبه بمشتهيات أخرى ليست في متناول يده، واشتدّت نار شوقه إليها.

27
حب الدنيا
كما جاء في كثير من كلام الأولياء
حب الدنيا
وإن السعادة كلها في طاعته، والأرباح كلها في معاملته، والمحن والبلايا كلها في معصيته ومخالفته، فليس للعبد أنفع من شكره، والتوبة إليه
كلمات شيرين أحمد
فكلّ ما يوجب رضى الله سبحانه وقربه فهو من الآخرة، وإن كان بحسب الظاهر من أعمال الدنيا، كالتجارات والصناعات والزراعات التي يكون المقصود منها تحصيل المعيشة للعيال لأمره تعالى به، ولصرفها في وجوه البرّ، وإعانة المحتاجين، والصدقات، وصون الوجه عن السؤال وأمثال ذلك، فإنّ كلّ هذه الأمور تُعدّ من أعمال الآخرة وإن كان عامّة الخلق يعدّونها من الدنيا