ويسألونك عن الجبال. القرآن الكريم

فقالوا : سلوه عن الروح قال الشنقيطي -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً : "أي: لا اعوجاج فيها ولا أمت، والأمت: النتوء اليسير، أي: ليس فيها اعوجاج ولا ارتفاع بعضها على بعض، بل هي مستوية، ومن إطلاق الأمت بالمعنى المذكور قول لبيد: فاجرمَّزت ثم سارت وهي لاهية في كافر ما به أمت ولا شرف وقول الآخر: فأبصرت لمحة من رأس عكرشة في كافر ما به أمت ولا عوج والكافر في البيتين: قيل الليل، وقيل المطر؛ لأنه يمنع العين من رؤية الارتفاع والانحدار في الأرض
قال : فسألوه عن الروح فقالوا يا محمد ، ما الروح ؟ فما زال متوكئا على العسيب ، قال : فظننت أنه يوحى إليه ، فقال : ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا فقال بعضهم لبعض : قد قلنا لكم لا تسألوه يقول تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ، أي: هل تبقى يوم القيامة أو تزول؟ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّي نَسْفاً، أي: يذهبها عن أماكنها ويمحقها ويسيرها تسييراً، فَيَذَرُهَا، أي: الأرض، لاّ تَرَىَ فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً، أي: لا ترى في الأرض يومئذ وادياً ولا رابية، ولا مكاناً منخفضاً ولا مرتفعاً، كذا قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد والحسن البصري والضحاك وقتادة وغير واحد من السلف

القرآن الكريم

أو كما قال صلوات الله وسلامه عليه ؛ ولهذا قال تبارك وتعالى : وما أوتيتم من العلم إلا قليلا وقال السهيلي : قال بعض الناس : لم يجبهم عما سألوا ؛ لأنهم سألوا على وجه التعنت.

7
القرآن الكريم
فسألوه ، فنزلت : ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا قالوا : أوتينا علما كثيرا ، أوتينا التوراة ، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا
ويسألونك عن الجبال
وقال الطبراني : حدثنا محمد بن عبد الله بن عرس المصري ، حدثنا وهب بن رزق أبو هريرة حدثنا بشر بن بكر ، حدثنا الأوزاعي ، حدثنا عطاء ، عن عبد الله بن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن لله ملكا ، لو قيل له : التقم السماوات السبع والأرضين بلقمة واحدة ، لفعل ، تسبيحه : سبحانك حيث كنت "
القرآن الكريم
والمعنى : أن علمكم في علم الله قليل ، وهذا الذي تسألون عنه من أمر الروح مما استأثر به تعالى ، ولم يطلعكم عليه ، كما أنه لم يطلعكم إلا على القليل من علمه تعالى
يقال للصوت الخفيف همس، ولهذا يقال لصوت وطء الأقدام: همس، ويقال: للأسد الهموس؛ لأنه إذا مشى في الليل يمشي مشياً خفيفاً، تصور عند هدئة الأصوات، وسكون الناس حينما لا تسمع إلا صوت أقدام، ولهذا يقولون لصوت الأقدام أو لصوت خفاف الإبل وهي تمشي: همس، وصوت خفاف الإبل أو صوت المشي الخفيف الذي يظهر معه صوت وقع الأقدام لا شك أنه صوت يسير، يصح إطلاق الهمس عليه، كما يطلق أيضاً على الصوت الخفيف، حينما يتكلم الإنسان بصوت يسمعه من يلاصقه، تقول: همس في أذنه، يهمس، فَلاَ تَسْمَعُ إِلاّ هَمْساً بعضهم يقول: وقع الأقدام على الأرض، يمشون، يتبعون الداعي، وقال: "الحديث وسرّه، ووطء الأقدام"، قاله سعيد بن جبير -رحمه الله قال القرطبي : «جاء هنا أي قوله { فَقُلْ يَنسِفُهَا } بفاء وكل سؤال في القرآن «قل» أي كل جواب في لفظ منه مادة سؤال بغير فاء إلا هذا ، لأن المعنى إن سألوك عن الجبال فقل ، فتضمن الكلام معنى الشرط ، وقد علم أنّهم يسألونه عنها فأجابهم قبل السؤال
انتهى منه، وقد قدّمنا في أول سورة الكهف ما يغني عن هذا الكلام الذي ذكره، والعلم عند الله تعالى" لما جرى ذكر البعث ووصف ما سينكشف للذين أنكروه من خطئهم في شبهتهم بتعذر إعادة الأجسام بعد تفرق أجزائها ذكرت أيضاً شبهة من شبهاتهم كانوا يسألون بها النبي صلى الله عليه وسلم سؤال تعنت لا سؤال استهداء ، فكانوا يحيلون انقضاء هذا العالم ويقولون : فأيْن تكون هذه الجبال التي نراها

[8] من قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ} الآية 105 إلى قوله تعالى: {وَقُل رّبّ زِدْنِي عِلْماً} الآية 114

وسيأتي إن شاء الله في قصة موسى والخضر : أن الخضر نظر إلى عصفور وقع على حافة السفينة ، فنقر في البحر نقرة ، أي : شرب منه بمنقاره ، فقال : يا موسى ، ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم الله إلا كما أخذ هذا العصفور من هذا البحر.

6
القرآن الكريم
وسواء كان سؤالهم استهزاء أم استرشاداً ، فقد أنبأهم الله بمصير الجبال إبطالاً لشبهتهم وتعليماً للمؤمنين
ويسألونك عن الجبال
وهذا السياق يقتضي فيما يظهر بادي الرأي أن هذه الآية مدنية ، وأنها إنما نزلت حين سأله اليهود ، عن ذلك بالمدينة ، مع أن السورة كلها مكية
[8] من قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ} الآية 105 إلى قوله تعالى: {وَقُل رّبّ زِدْنِي عِلْماً} الآية 114
وهذا تنبيه إلى وجوب سؤال العالم الذي ينصح ويدل على الخير ويشير إلى الصواب