السيدة ملعقة. السيدة ملعقة

شاهدوا عنترة بن شداد لأول مرّة في بيت جارنا، وتعجبوا من الكائنات المحجوزة في صندوق صغير لدى الشاعر الأميركي تشارلز سيميك على سبيل المثال بيت يبحث عنه، حلم متكرر عن الشارع الذي ولد فيه، يرى الوقت دائمًا ليلًا، يعبر بنايات أليفة بشكل غامض محاولًا أن يجد بيته، ولكن ولسبب ما لا يعثر عليه، يعيد اقتفاء خطواته، البيوت كلها هناك، إلا البيت الذي يقصده
أنظرُ للنجوم الخلابة فوقي، أستخدمها لأرقي الطفولي، لكنها لا تُحصى بقينا نكبر في البيت القديم، دون ظنون مبالغ فيها بأننا سنغادره ذات نهار

عن السيدة ملعقة — Lady Spatula

كنتُ في سن ما قبل المدرسة، في وقت تتشكل فيه مخيلتي وانفتاحي على الحكايات؛ لذا لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوز هذه المرحلة، أعني الْتِقافَ عوالم جديدة، الْتِقاط الصور والأفكار التي تجعل بيتنا أكثر اتساعًا مما يبدو في غرفتنا الواحدة، لذا كان التلفاز والراديو معًا بيتين مشتبكين ببيتنا الأول.

30
بيت السيدة ملعقة
فقد علموني الطبخ، بطريقة أو بأخرى، من خلال مواقعهم
عن السيدة ملعقة — Lady Spatula
من وراء السيدة ملعقة؟ أنا أم وزوجة
بيت السيدة ملعقة
كنا لأول مرّة نرى بيتًا من طابقين
لقد تحول إلى علامة، لدرجة أنّ أهلنا صاروا يصِفُون كل شيء انطلاقًا من ذلك البيت العجيب، «خلف البيت بو طابقين» أو «قرب البيت بو طابقين»، كان البيت بالنسبة لنا شاسعًا وكبيرًا، نوافذه زجاجية في وقت كانت نوافذنا خشبية كما اتفقت وزوجي على التعاون في تحضير الوجبات في الأيام التي لا يشعر أحدنا بمزاج للطبخ، وفي بعض الأيام نقوم بطلب الوجبات الجاهزة كلنا نمر بأيام كهذه! أكثر ما أثار دهشتي، الستائر التي تتطاير بفعل الهواء، لم يكن في بيتنا القديم ستائر
نحفظ بيوت جيراننا عن ظهر قلب، ليس لأنّها تشبه بيتنا وحسب، وإنّما لأننا لا نكف عن غزوها من حين لآخر عندما نجدُ فراشنا مبللًا في الصباح، تقول لنا الأمهات: إنّه «الكوس»

بيت السيدة ملعقة

نعرف مكان السلالم المؤدية للسطح، وأماكن تخزين المؤونة، وكل شيء جديد يمكن أن يصل منازلهم.

بيت السيدة ملعقة
ننغلقُ على هذا البيت الذي يسكن مخيلتنا لنحميه بداخلنا، ونستعيده بصورة مفرطة في انتكاساتنا اللانهائية، ربما ليس كما عشنا فيه واقعيًّا، ولكن بقدر ما نرغب أن يكون بيتًا مثاليًّا وآسرًا، فالعالم الواقعي كما يقول غاستون باشلار: «يمّحي دفعة واحدة، حينما يسعى المرء إلى العيش في بيت الذكرى»
بيت السيدة ملعقة
وما إن يؤذن جدي في المصلى المجاور لبيتنا، ينهين أعمال الحياكة وتحمل كل منهن «كمتها» وخيوطها وإبرها في حقيبة صغيرة، ويخرجن متعجلات كما دخلن
بيت السيدة ملعقة
لدى والاس ستيفنز قصيدة عن الوحيدين يقول فيها: «البيت كان صامتًا، والعالم كان هادئًا»، هكذا أستعيد بيتنا القديم المتخيل هادئًا، وأستعيد التلفاز الأحمر الذي تضع أمّي منديلًا مطرزًا فوقه صامتًا غالب الوقت ريثما يشتغل المولد