تقسيمات دواليب. ثقافة المجازفة في تونس تنتشر مع الجائحة

وللمراقب أن يلاحظ قدرة لدى هذه الثقافة على التحول تدريجيا إلى نمط سلوكي سائد يتجاوز كل الفوارق في المجتمع كشفت جائحة كورونا الكثير عن تطور في واقع المجتمع التونسي وأولويات التونسيين في أوج الأزمات الراهنة بجوانبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والصحية
ويتحدث الخبير التونسي حمزة المؤدّب عن توغل أساليب عمل الاقتصاد غير النظامي في دواليب الاقتصاد النظامي ذاته، الشيء الذي يفسّر توسع الصادرات المتأتية من الصين وتركيا ومن الأكيد أن هذه الدروس غير خافية عن الحكومة وهي تتفاوض مع صندوق النقد الدولي حول إصلاح نظام التعويض عن الأسعار على أساس توجيه مخصصاته نحو المحتاجين وليس لعامة الناس

ثقافة المجازفة في تونس تنتشر مع الجائحة

يعكس هذا الاستعمال اللغوي جملة من المفاهيم المبطّنة.

ثقافة المجازفة في تونس تنتشر مع الجائحة
والأهم من ذلك هي أنها طبقة لا مصداقية لها حسب البعض في محاولة فرض إجراءات السلامة الصحية على الآخرين
ثقافة المجازفة في تونس تنتشر مع الجائحة
وقد أظهرت الأزمة الصحية أن الأشخاص المنتمين للمهن الحرة أو للاقتصاد غير النظامي يشتركون أكثر من غيرهم في ثقافة تجمع بين عدم التعويل على الدولة والتشكيك في مصداقية قراراتها
ثقافة المجازفة في تونس تنتشر مع الجائحة
ففئة غير الموظفين تشمل التجار بأنواعهم إضافة إلى المهن التي تندرج ضمن الاقتصاد غير النظامي
رغم أن إعداد مثل هذه المنهجية قد بدأ منذ سنوات عديدة إحدى العبارات المتداولة في الثقافة الشعبية اكتسبت معنى جديدا يشير إلى تغير في موقف جانب واسع من المجتمع تجاه الموظفين العموميين بعد الجائحة
صحيح أن الحكومة قدمت مساعدات للفئات المتضررة من الجائحة ولكن المساعدات كانت غير كافية بالمقارنة مع الاحتياجات ولكن تقسيم المجتمع إلى موظفين حكوميين وغير الموظفين هو تقسيم غير دقيق

ثقافة المجازفة في تونس تنتشر مع الجائحة

بل إن هناك أقلية من ممارسي النشاط الاقتصادي غير النظامي استفادت من الجائحة.

12
ثقافة المجازفة في تونس تنتشر مع الجائحة
هذا التصنيف أصبح يستعمل للإيحاء بأن الموظفين ينتمون إلى طبقة من المحظوظين إبان الجائحة، طبقة تُغبط على امتيازاتها ولا يقاس عليها
ثقافة المجازفة في تونس تنتشر مع الجائحة
تقول التقديرات الصادرة عن خبراء محليين وأجانب إن الطبقة الوسطى في تونس انحسرت في حدود 50 في المئة خلال العشرية الأخيرة
ثقافة المجازفة في تونس تنتشر مع الجائحة
كما أن الكثير من صغار الموظفين الحكوميين في المقابل يمارسون أنشطة في القطاع غير النظامي لتكملة دخلهم المتواضع، وهم بالتالي من المتضررين ولو بطريقة غير مباشرة من أي إجراءات للغلق
والمقصود هنا أن رواتب الموظفين الحكوميين ثابتة مثل المسمار المدقوق في الجدار أو الحائط، وذلك بعكس سائر المواطنين الآخرين الذين يفقدون مصادر دخلهم إذا ما توقفوا عن العمل ولو كان ذلك نتيجة طوارئ صحية مثل تلك التي تفرضها جائحة كورونا لا بد لها من استيراد اللقاحات اللازمة وترميم المؤسسات الصحية في القريب العاجل وضبط سلوكيات الشارع بقدر المستطاع
كما أن طريقة توزيعها اكتنفها الكثير من الاضطراب لا يوحي بوجود منهجية علمية ثابتة لتحديد المستفيدين وطمأنة أصحاب الموارد الهشّة

ثقافة المجازفة في تونس تنتشر مع الجائحة

نفس ردة الفعل الخافتة رافقت إعلان وزير الصحة عن بدء الموجة الرابعة للجائحة في منتصف يونيو، وإن كان ذلك الإعلان يتناقض وسعي الحكومة المعلن إلى إنعاش القطاع السياحي.

11
ثقافة المجازفة في تونس تنتشر مع الجائحة
ومن الملفت أن تحرك بعض القطاعات مثل المتاجر والمطاعم والمقاهي بمالكيها وعمالها يجد دعما من النقابات العمالية وكذلك من اتحاد الأعراف الذي يضم رجال الأعمال على حد السواء
ثقافة المجازفة في تونس تنتشر مع الجائحة
ولكن الجائحة وحّدت صفوف كل الذين لا يتمتعون بعلاوات حكومية بمن فيهم أصحاب المهن الحرة والأنشطة غير النظامية الذين أظهروا عند آخر محاولة للسلطات فرض الحجر التام قدرة وتصميما على الاحتجاج والرفض إلى حد الدعوة إلى العصيان المدني
ثقافة المجازفة في تونس تنتشر مع الجائحة
تحيل الاستعارة اللغوية في تشبيهها إلى الراتب الحكومي بالمسمار المثبت في الحائط إلى تصور راسخ في تقاليد تونسية محافظة تثمّن الاستقرار الذي توفره أو كانت توفره إلى حد ما على الأقل لحد الآن الوظائف الحكومية