فهذا يدل على أن الإمام لا يتعطَّن، كأنهم يقولون: إنه إذا صلى في هذا الموضع كأنه تعطَّنه؛ لأنه إمام يصلي المكتوبة ويصلي النافلة في هذا الموضع، قالوا: كأنه تعطَّن، وقد نهي عن تعطن المواضع في المساجد | ويقدم الأفضل فالأفضل؛ وأمَّا الصبيان، فلأنه صلى الله عليه وسلم «صلى فصف الرجال، ثم صف خلفهم الغلمان» رواه أبو داود |
---|---|
وقال بعض العلماء: إنهم لو جعلوا الإمام أمامهم ثم تأخروا قليلاً عنه، وجعلوا فسحة بينهم وبينه فإنه لا حرج، واغتفروا هذا الفاصل اليسير، لكن شدد فيه بعض العلماء؛ لأنه بمثابة قطع الصف | قال ابن قدامة: "وقال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: إن وقف عن يسار الإمام صحت صلاته؛ لأن ابن عباس لما أحرم عن يسار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أداره عن يمينه، ولم تبطل تحريمته، ولو لم يكن موقفاً لاستأنف التحريمة، كأمام الإمام؛ ولأنه موقف فيما إذا كان عن الجانب الآخر آخر، فكان موقفاً، وإن لم يكن آخر كاليمين؛ ولأنه أحد جانبي الإمام، فأشبه اليمين |
وهذا ضعيف؛ لأن بيت النبي صلى الله عليه وسلم كان في اليمين بعد أن ينفتل، ولم يكن في اليسار.
فعلى هذا اعترض الجمهور، فقالوا: أنتم تقولون: إن المنفرد إذا صلى خلف الصف بطلت صلاته، وهذا قد كبر تكبيرة الإحرام وركع ودب إلى الصف، فانعقد ركنه دون الصف! وبناءً على ذلك يرجع إليه ويُتِم طوافه، والأحسن أن يبتدئ من بداية الشوط الذي قطعه على سبيل الندب والاستحباب لا على سبيل الحتم والإيجاب | أما الدليل على أن المنفرد لا تصح صلاته خلف الصف فحديث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: |
---|---|
ثم إنَّ تقدمَ المأموم على الإمام فيه مفاسد، ومن أعظمها أنه تختلف عليه أفعال الإمام، ولربما يحصل منه اختلاج في صلاته، والسبب في ذلك واضح، فلو صلى وراء الإمام رباعية وسها الإمام ولم يجلس للتشهد الأول فقام ووقف، فإن المأموم سيجلس للتشهد؛ لأن ظنه أن الإمام جلس للتشهد، فلا يشعر إلا والإمام راكع، وحينئذٍ تختلف صلاة المأموم مع إمامه | ظاهر السنة أن الصلاة تصح إذا رأى المأموم الإمام أو المأمومين |
ولأن وسط الصف موقف للإمام في حق النساء والعراة، وإن لم يكن عن يمينه أحد فصلاة من وقف عن يساره فاسدة، سواء كان واحداً أو جماعة.