وهذا التوحيد لا يكون إلا بنفي وإثبات وهما ركنا كلمة التوحيد لا إله نفي وإلا الله إثبات أي لا إله معبود بحق إلا الله | وقال الإمام السهروردي رضي اللَّهُ عنه: إذا استولت الكلمة لا إله إلا الله على اللسان يتشربها القلب، فلو سكت اللسان لم يسكت القلب، ثم تتجوهر في القلب وبتجوهرها يستقر نور اليقين حتى إذا ذهبت صورة الكلمة من اللسان والقلب لا يزول نورها، وهذا الذكر هو المشاهدة والمكاشفة والمعاينة، وهذا هو المقصد الأقصى حتى أنَّ الذاكر الصادق يغيب عن المحسوس، بحيث لو دخل عليه داخل من الناس لا يعلم به لغيبته في الذكر من كمال أنسه وحلاوة ذكره حتى لا يلتحق في غيبته في الذكر بالنائم |
---|---|
فالعبادة التي يؤديها الإنسان هي في الواقع نوع من التسليم والتبعية الاختيارية لعبادة تكوينية تقوم بها كل الخلائق | إنَّ دعوة التوحيد التي يتنكّر لها القرشيّون، هي دعوة أبيهم إبراهيم — عليه السّلام — وهي الدعوة التي واجه بها أباه وقومه مخالفاً بها عقيدتهم الباطلة، غير مُساق إلى عبادتهم الموروثة، ولا متمسك بها لمجرد أنه وجد أباه وقومه عليها، بل لم يجاملهم في إعلان تبرئه المطلق منها في لفظ واضح صريح يحكيه القرآن الكريم بقوله: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ 26 إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ 27 } |
قال الله تعالى: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ففرق الله تعالى بين ربوبيته، وعبادته، واسمه.
18الثالثة: إنَّ ما جاء تخصيصه من الله ورسوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم هو أفضل مما خصصه العلماء والعارفون ويعلو عليه عملاً بالقاعدة التي تقول: إذا جاء الخبر انقطع النظر | فهمي أحمد عبدالرحمن القزاز 5-5-2013 ، ، شبكة الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 17-8-2018 |
---|---|
الركن الثالث : نية الاستثناء في الذهن لله عز وجل عند النفي مع العموم فيه ، ومن أطلق دون استثناء فإنه يكفر ، ولذلك قيل : كم من ناطق كلمة التوحيد كفر بطرفها الأول ؛ لأنه لم يستحضر استثناء الله عز وجل عند نفيه ، ومعلوم أن ورود الكفر على الذهن مع إقرار لحظة ، كوروده على الجوارح وإقراره ولو لحظة ، فيكون الكفر سيان هنا وهناك ، ولذلك قيل : لا إله نفيٌ مقدّم نطقاً في لا إله إلا الله و إلا الله إثباتٌ مقدم حقيقة |
معنى التوحيد يراد : إفراد الله تعالى، بما يختص به من الألوهية والربوبية والأسماء والصفات، وقد دلت نصوص القرآن الكريم على أنّ التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام؛ توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، أما توحيد الربوبية فيُراد به: إفراد الله تعالى بأفعاله وذلك باعتقاد أنّه وحده المنفرد بالخلق والتدبير والملك، قال الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}، أما توحيد الالوهية: فيُعنى بتوحيد الله بأفعال العباد، وذلك من خلال توجه العباد بأفعالهم إلى الله فلا يشركون في عبادته أحد، أما توحيد الأسماء والصفات: فمعناه إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات، دون تأويلٍ أو تحريف أو تمثيل، وفي هذا المقال سيتم الحديث عن أركان التوحيد.
9وقال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ فبيّن الله تعالى أن الذي يعبد هؤلاء من دونه سبحانه - من - هو الباطل الذي يضمحل ويفنى، وأن عبادته سبحانه وتعالى وحده هي ؛ لأن كل من دونه متذلل منقاد | فلا يتحقق توحيد الألوهية إلا بإخلاص المسلم العبادة لربه وحده في باطنها وظاهرها بحيث لا يكون شيء منها لغيره |
---|---|
فقد جاء في شهادة : " لا إله إلا الله " في القرآن ، قوله تعالى : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ | إلى آخر الصفات، بل قدرته واحدة، وتتعلق بجميع الممكنات، وكذا إرادته وعلمه |
إشارة السلف إلى بعض هذه الشروط : قال الحسن البصري للفرزدق — الشاعر المعروف — وهو يدفن امرأته : ما أعددت لهذا اليوم ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة.
20