وبعد أن كدت أيأس، خطر في بالي أن أراجع خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله، فوجدته يذكر بالنص ما دار بذهني عند قراءة الآية الكريمة، ولم أكن قد سمعته من أحد قبله أو اطلعت عليه مكتوباً، فحمدت الله تعالى على هذا الالهام وحسن الفهم لكتابه العزيز، وعجبت كيف غاب معنى قريب مثل هذا عن مثل هذا الداعية المعروف | وأضفت: ولكن رأيي الشخصي على هذا الكلام أنه غير دقيق لعدة أسباب؛ منها: أن العد والإحصاء في اللغة هما بمعنى واحد |
---|---|
بالإشارة إلى ما تم الحديث عنه حول سؤال الدليل على وجوب نسبة النعم لله تعالى من القرآن الكريم نتعلم أنه يتم الاستدلال بالأدلة التشريعية والفقهية من القرآن الكريم والسنة النبوية | بارَك اللهُ لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم |
فراجعت تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور، وهو من التفاسير الرائعة التي تعنى بالتفسير البياني، فلم أجد لديه من التفصيل ما يشفي غليلي، وهكذا راجعت عدة تفاسير منها روح المعاني للألوسي، وتفسير الفخر الرازي مفاتيح الغيب ، و جامع البيان في تفسير القرآن للطبري، وكلها لم أجد فيها ما أبحث عنه.
24زوال نعم الله: الذنوب من أهم أسباب زوال النعم قال صل الله عليه وسلم إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ، بالله عليكم أيحسن الله لنا وينعم علينا ونبارزه نحن بالمعاصي!! نِعَمُ اللهِ عَلَيْنَا لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى فَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَدْ أَسْبَغَ عَلَيْنَا نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً، مِنَ الْأَكْلِ وَالشَّرَابِ وَاللِّبَاسِ وَالْمَسْكَنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ نِعَمِهِ الَّتِي لَا تُحْصَى وَلَا تُعَدُّ | القمر والشمس من النعم التي يستفيد منها الإنسان في الاهتداء والحصول على الدفء، كما أنّه عز وجل جعل لكلّ منهما مساراً للحركة لا يمكن أن يسبق أحدهما الآخر، وجعل نتيجةً لهذه الحركة تعاقب الليل والنهار، فالنهار للعمل والبحث عن الرزق، والليل للنوم والراحة |
---|---|
أما هذا الكون الفسيح فيه من النعم ما هو أعظم وأجل مما ذكرنا، فالله سخر لنا الليل لنسكن فيه والنهار لنبتغي فيه معاشنا وسخر لنا الشمس والقمر والنجوم لنهتدي بهي طريقنا قال تعالى وسخر لكم الليل والنهار والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لأيات لقوم يعقلون ، وبسط لنا الأرض ويسر لنا زراعتها وأخرج لنا منها قوتنا من كل الثمرات وأنزل من السماء ماء وفجر لنا من الجبال أنهرا قال تعالى الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم ، وسخر لنا الأنعام لتقلنا لوجهاتنا قال تعالى والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون | وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج |
ولذلك، فلا حرج في قول العبد: نعم الله لا تعد، ولا تحصى، وقد وردت هذه العبارة، على لسان كثير من أهل العلم، وذكروها في كتبهم.
28نعم الله على عباده لا يمكن أن تعد أو تحصی صواب خطأ | ثانياً : إن النعم ابتلاء وامتحان كلها، حتى ما كان ظاهره الجزاء والإكرام فهو في الحقيقة ابتلاء جديد، يقول تعالى: "فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمنِ وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهاننِ، كلا" سورة الفجر: 15-17 |
---|---|
فعندما يستشعر أحدنا نعم الله عليه التي لا تعد ولا تحصى يشعر يقينا بفضله عز و جل و جوده و منه و كرمه فيستوجب دلك منا الشكر لله و حمده على نعمه |
من مقتضياتِ تذكُّر نِعَم الله الاعترافُ بها، ونسبتُها للمتفضِّل -جلَّ جلالُه-، ومن يرصد النعمَ لا يفتأ يذكُر واهِبَها؛ وهو الله -تعالى- المنعِم بكلِّ النعمِ التي نتقلَّب فيها.
23