ولعلماء الشرع مزيد اختصاص عن غيرهم من أهل الفنون والصناعات بالحكام والأمراء، وعِلية الناس، فهم ينصحونهم فيما يَرون من الخير أهلًا لأن يُفْعَلَ، وينصحون لهم بشأن الشرور التي يجب أن تُقطع ؛ أداءً للأمانة التي أخذ الله عليهم الميثاقَ بشأنها؛ ليُبينوا الحق الذي آتاهم للناس ولا يَكتموه | إن دولة الإسلام التي أحلُم بها، دولة تعرف قدر العلم، ولذلك فهي تنشط في تمكينه وتجذيره في أرجائها؛ تُشيِّد المساجد، وتبني المكاتب والمدارس والمعاهد والدُّور والجامعات، وتُنشئ المطابع والمكتبات والنشرات، وتقيم المؤتمرات، وتَدعم المجامع العلمية الكبرى، وتؤسس شراكات علميَّة كبرى بين إداراتها، بل مع الدول الأخرى المجاورة لها، ذلك كلُّه لتخريج أجيال من القادة والعلماء؛ يَبنون على أسس متينة من البداية إلى النهاية، ويُرون الكون كيف ينفع أحفاد محمد الدنيا بالعلم كما نفعوه بالهدى! ولهذا يقول الله عز وجل لسيد البشرية في علاقته بالناس: ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك |
---|---|
وأما من نبغوا من رجال ونساء الأمة من العرب والعجم في هذا المضمار - فتُحدثنا عنهم أفواه الأيام والليالي، فهي تُبصرهم كما تبصر الشمس والقمر، لتحدثنا عن أخبارهم في حلقات العلم؛ إقراء وتحديثًا، دراسةً ومناظرة، إملاءً وكتابة، شرحًا وتحشية، عرضًا وتقديمًا، تحليلًا ونقدًا |
.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه و أرضاه عنهم -الجهّال-: "يميلون مع كل راع لم يتضيئوا بنور العلم" أي لم يحصل لهم من العلم نور يفرّقون به بين الحق والباطل لعدم متابعتهم للعلماء، وعدم تعلمهم منهم العلم |
شهدوا وأولوا العلم أيضًا شهدوا أن لا إله إلا الله.