ويقوم بأصول الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره لله، لا يقصد به غرضاً من الأغراض غير رضا ربِّه، وطلب ثوابه، متابعاً في ذلك رسول الله، فعقيدته ما دل عليه الكتاب والسنة، وأعماله وأفعاله ما شرعه الله ورسوله، وأخلاقه، وآدابه الاقتداءُ بنبيه، في هديه، وسمته، وكل أحواله | ويقصدون بتوحيد الأسماء والصفات: أي إثبات كل ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله من الأسماء والصفات على وجه يليق بكماله وجلاله، دون تكييف أو تمثيل، ودون تحريف أو تأويل أو تعطيل، وتنزيهه عن كلِّ ما لا يليق به |
---|---|
ولا بد نعرف أنَّ بعض الذين نأتي بهم في العمالة والخدم والسَّائقين من المجوس أو المانوية أو الثَّانوية الذين يقولون بهذه المقالات مشركون في الرُّبوبية، فالنصارى الذين يقولون بالتثليث لم يثبتوا للعالم ثلاثة أرباب ينفصل بعضهم عن بعض حتى تتبيَّن المقالة، وإنما يتَّفِقون على أن صانع العالم واحد، ويقولون عنه الأب والابن وروح القدس، وأنَّه إلهٌ واحدٌ بالذَّات، ثلاثة بالأقنون؛ والأقانين يُفسِّرونها تارةً بالخواص، وتارةً بالصِّفات، وتارةً بالأشخاص، وهؤلاء مُتناقضون في أنفسهم ومضطربون في أفهامهم | ثم هذه الأشياء كانت فاقِدة للوُجود، فكيف تستطيع أن تَهبَ الوجودَ لنفسها؟ ومعلوم أنَّ فاقد الشَّيء لا يُعطيه، وأمَّا على التَّفسير الثَّاني للطَّبيعة بأنَّها خصائص الأشياء: فإنّه باطل؛ لأنَّ الأشياء إذا عَجزت عن إيجاد نفسها فَمِن باب أَولى أن تَعجز صفاتها عن إيجادها؛ لأنَّ الذَّات أقوى من الصِّفات، والصِّفة تابعة للمَوصُوف، فكيف تخلقه وهي تابعة له؟ ثم هذه الطَّبيعة فإنَّها لا شعور لها، فهي عبارة عن آلة محضَة، فكيف تصدر عنها الأشياء، ويكون فيها دقة وإبداع وإتقان؟ ثم نقول: إن المُستَقر في الفِطَر أنَّ الأشياء قسمين: خالقٌ ومخلوقٌ، فكيف يكون الخالق مخلوقاً والمخلوق خالقاً ؟ فهذا لا يكون |
، فإن من عبد الله تعالى وحده، وآمن بأنه المستحق وحده للعبادة، دل ذلك على أنه مؤمن بربوبيته وبأسمائه وصفاته، لأنه لم يفعل ذلك إلا لأنه يعتقد بأن الله تعالى وحده هو المتفضل عليه وعلى جميع عباده بالخلق, والرزق, والتدبير, وغير ذلك من خصائص الربوبية، وأنه تعالى له الأسماء الحسنى والصفات العلا، التي تدل على أنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له.
12إذاً: معنى لا إله إلا الله لا مَعبود بحقٍ إلا الله كما سيأتي | وهي حسب ما ذكره أهل العلم ثلاثة |
---|---|
تعريف التوحيد لغة واصطلاحا التشكيل محتويات الصفحة | بأيِّ شيء يحصل الرجاء؟ ونحن نتَكلَّم في العبودية، وتوحيد الأُلوهية، وتوحيد العبادة، فبأيِّ شيءٍ يحصُل الرَّجاء؟ يحصل بأن تَشهد كرمه وإنعامه وإحسانه إلى عباده، وهذا موجود في الواقع، فإذا شهدت ذلك فيحصل لك من الرَّجاء ما يحصل |
والتعبد له ركنان وشرطان لصحته، أما الركنان: فغاية الخضوع والتذلل لله، وكمال المحبة له.
24هؤلاء المجوس يقولون بإلهين: إله النُّور وإله الظُّلمة، ومع ذلك يقولون إله النُّور أزليٌ، وإله الظُّلمة حادثٌ، فلا يقولون بإلهين متساويين من جميع الوجوه، والثانوية أصحاب الإثنين الأزليين يزعمون أنَّ النُّور والظُّلمة أزليان قديمان بخلاف المجوس، لكن قالوا إنَّهما يختلفان في الجوهر والطَّبع والمكان والأبدان والأرواح، ولم يقولوا بتماثلهما في الصِّفات والأفعال تماماً، وإن قالوا بتساويهما في القِدم | علاقة توحيد الألوهية بتوحيد الربوبية وعلى هذا يكون مفهوم توحيد الألوهية مفهوم شامل يندرج تحته توحيد الربوبية، وما يتبعها من أسماء، وصفات؛ فإن عباد الله المخلصين هم المؤمنون به وحده الخالق الوحيد، والإله المُطلق، وأنه وحده المستحق للعبادة |
---|---|
هذه هي العبادة، هي طاعة الله بفعل المأمور وترك المحذور، كما تُطلَق العِبادة على المفعول أي المتعبد به، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "العبادة اسم جامع لكل ما يُحبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة" | أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ وما حقُّ العبادِ عَلَى الله؟ قَالَ قُلْتُ: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ |
بنوا كلامهم على جهلٍ وظَنٍّ، ولا ميزان له أمام العلم.