تم تفسير سورة القلم، والحمد لله رب العالمين | تسمية سورة القلم وسببها تسمّى سورة القلم في معظم التفاسير بسورة ن والقلم باعتبار أوّلها، وفي بعض التفاسير بسورة ن باعتبار الحرف الذي افتُتحت به؛ كسورة ص وسورة ق، وفي بعض المصاحف بسورة القلم، ويظهر من خلال قسم الله بالقلم وتسمية السورة به أهمية القلم والكتابة، ودورهما في النهوض بالأمّة، ونشر عقيدة الإسلام، وتبليغها إلى كافة أقطار الأرض لا سيما وأنّها قد نزلت في وقت تكاد تنعدم فيه الكتابة |
---|---|
ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء، عند ذلك لا يصبح هناك فرق، هكذا شأن أهل الفساد دائماً | فلما خرج عليهم بالإصلاح حاربوه، وهكذا شأن المصلحين في كل زمان ومكان، فالمصلح أعداءه أكثر من أحبابه |
أين نزلت سورة القلم اختلف العلماء في نزولها: منهم من قال: نزلت بمكة المكرمة.
{ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ } أي: عذاب نزل عليها ليلًا { وَهُمْ نَائِمُونَ } فأبادها وأتلفها { فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ } أي: كالليل المظلم، ذهبت الأشجار والثمار، هذا وهم لا يشعرون بهذا الواقع الملم، ولهذا تنادوا فيما بينهم، لما أصبحوا يقول بعضهم لبعض: { أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا } قاصدين له { وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ } فيما بينهم، ولكن بمنع حق الله، ويقولون: { لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ } أي: بكروا قبل انتشار الناس، وتواصوا مع ذلك، بمنع الفقراء والمساكين، ومن شدة حرصهم وبخلهم، أنهم يتخافتون بهذا الكلام مخافتة، خوفًا أن يسمعهم أحد، فيخبر الفقراء | وليس لهم عند الله عهد ويمين بالغة إلى يوم القيامة أن لهم ما يحكمون، وليس لهم شركاء وأعوان على إدراك ما طلبوا، فإن كان لهم شركاء وأعوان فليأتوا بهم إن كانوا صادقين، ومن المعلوم أن جميع ذلك منتف، فليس لهم كتاب، ولا لهم عهد عند الله في النجاة، ولا لهم شركاء يعينونهم، فعلم أن دعواهم باطلة فاسدة، وقوله: { سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ } أي: أيهم الكفيل بهذه الدعوى الفاسدة، فإنه لا يمكن التصدر بها، ولا الزعامة فيها |
---|---|
سبب نزول سورة القلم تعرّض رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للاتهام بالجنون، وذلك عندما سمعت قريش بواقعة نزول جبريل -عليه السلام- على رسول الله في غار حراء، وأيضا عندما جهر بالدعوة والإسلام؛ فنزلت سورة القلم عليه تثبيتاً له -صلّى الله عليه وسلّم-، ونفياً لهذه التهمة الباطلة عنه -صلى الله عليه وسلم-، وإشادة بمكارم أخلاقه وصفاته، كما عمدت السورة إلى تهديد الكافرين وإنذارهم بالهلاك والعذاب | لذلك من منع الفقير حقه، الله يعاقبه بالمنع والحرمان |
وذكرت هذه الصفة في الوليد لإشانته.