وكلامهم هذا باطل متهافت، بل إن أصحاب هذا المبدأ انشقوا على أنفسهم، ولعن بعضُهم بعضاً، وكَفَرَ بعضُهم ببعض | وأيضاً فذات الله ليس مكونة من أجزاء مركبة، وكذا صفاته |
---|---|
وهناك تعريف آخر مختصر وهو: توحيد الله بأفعاله | والواحد في صفة الله معناه أنه لا ثاني له |
ووحدانية الأفعال تنفي أن يكون غيره تعالى كفعله؛ لأن الله لا شريك له في أفعاله بل هو المنفرد بالإيجاد والإعدام، والمخلوقات ليس لها تأثير إلا قيام الفعل بها نتيجة لاكتسابها له، فيجب أن نعتقد أن الأفعال كلها - صغيرها وكبيرها لله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ : 96 ، وقال : إن الله يصنع كل صانع وصنعته.
6قال تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ فلم يقروا بهذه الكلمة، وذلك لأنهم يعلمون معناها، إذ لو كان مجرد قول لا يلزم منه نبذ جميع المعبودات سوى الله لقالوها، ولذا أخبر الله تعالى واصفاً حال المشركين بقولهم: أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ فعلموا ما يراد من هذه الكلمة، فلم ينطقوا بها | توحيد الربوبية ليس هو الغاية في التوحيد توحيد الربوبية حق، وأمره عظيم، ولا يصح إيمان العبد إذا لم يؤمن به، ولكن هذا النوع من أنواع التوحيد ليس هو الغايةَ التي جاءت بها الرسل، وأنزلت من أجلها الكتب، وليس الغايةَ التي من جاء بها فقد جاء بالتوحيد وكمالـه؛ ذلك أن الله أمر بعبادتـه التي هي كمال النفوس وصلاحها وغايتها، ولم يقتصد على مجرد الإقرار به كما هو غاية الطريقة الكلامية |
---|---|
ومعنى التعريف أن لا يقبل فيها إلا اليقين أما الشك فغير مقبول مطلقاً | إلى آخر الصفات، بل قدرته واحدة، وتتعلق بجميع الممكنات، وكذا إرادته وعلمه |
الإخلاص: فليست رياءً لذا وجب أن يكون العمل خالصاً له | الله الواحد حينما يتفكر في هذا ، ويُمعن النظر فيه، فإنّه يُلاحظ وحدة نظام الكون ودقته، وذلك من أكبر الأجرام والكواكب إلى أصغر ذرةٍ فيه، ويُلاحظ الناظر التناسق المُحكم، والبديع الذي لا يَطاله خلل أو اضطراب أو فساد، وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ، لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ، فهو خلقٌ بديعٌ وعظيمٌ للكون، ومجراته، وكواكبه، ونجومه، وأقماره، حيث يسير في حركةٍ متناغمةٍ، وبكل دقة، وهي حركةٌ مُقدّرةٌ، حيث تترابط أجزاء ببعضها ترابطاً تاماً |
---|---|
إن الله سبحانه وتعالى هو الأحد الصمد، القادر على كل شيء، إياه نعبد وإياه نستعين، له العبادة والتوحيد مهما أنكر المشركون وغيروا من أربابهم، وتعاونوا على إشراك غير الله بالتوحيد والتقرب إليه بوسائل شركية؛ كالأصنام والنار وغيرها، فالتوحيد ثابت في قلوب المؤمنين الموحدين كالأوتاد الراسخة التي لا تهزها عواصف، ولا يزحزحها شيء عن الإيمان القوي بالله عز وجل خالق السموات والأرض | ولهذا فإن المشركين في الجاهلية كانوا مقرين بتوحيد الربوبية مع شركهم بالألوهية |