ما هو المسح على الخفين ؟ إن المسح على الخفين هو المصطلح الذي يشير إلى تطهير الخف عبر المسح عليه بالماء، والخف المتعارف عليه هو ذاك النعل المصنوع من الجلد ويغطي كامل القدم والكعبين، وقد عرف العلماء المسح المقصود هنا بأنه تمرير اليدين وهي مبللة فوق هذين الخفين، ولكن حدد هذا الأمر بأن يكون المسح في أوقات معينة وفي ظروف محددة، وذلك للتيسير بدلًا من أن يلجأ الشخص لغسل قدميه بالكامل كما في الوضوء، وهناك من الشروط التي تحكم ذلك الأمر الكثير، ولعل أبرزها ما يحدد طهارة الشخص قبل ارتداء الخفين وألا يكون قد ارتداهما عن نجاسة، وكذا مدة صلاحية هذا المسح وغير ذلك من أمور تحل الأمر أو تبطله | وأضاف: تبدأ مدة المسح من بعد الانتهاء من الحدث، وليس بلبس الخفين، بمعنى أنه من لبس الخفين على طهارة ثم نام صلاتين مثلًا تحسب المدة عند الاستيقاظ، وليس من أول لبسه للخفين |
---|---|
أرسلت مرسولاً إلى كذا، فلا يُحتاج أن تقول: بعثت بزيد إلى كذا، بل تقول: بعثت زيداً | وروى الترمذي 95 وأبو داود 157 وابن ماجه 553 عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ : لِلْمُسَافِرِ ثَلاثَةٌ ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وصححه الألباني في صحيح الترمذي |
وعند مالك رحمه الله النزاع في المدة، فهناك من يروي عن مالك رحمه الله بأنه لم يوقت، وجعل المسح على الخفين بدون توقيت لا في حضر ولا في سفر، وسيأتي مأخذه في الأحاديث التي سيسوقها المؤلف، من أنه صلى الله عليه وسلم سئل: أمسح على الخف يوماً يا رسول الله؟! المسح على الخفين للمسافر إن المسح على الخفين من الأمور الجائزة شرعًا للمسافرين تيسيرًا لهم، والمسح هنا متاح ثلاثة أيام بلياليهن، ولا يتحدد أو يترتب على عدد الصلوات أي اعتبار في هذا الأمر، وهذه المدة المتاحة للمسافر تبدأ بالفعل منذ حدوث أول مسح على الخفين بعد ارتدائهما على وضوء وتنتهي عند اليوم الرابع، أي بعد مرور ثلاثة أيام كاملة بلياليهن كما أمر رسولنا الكريم، وعلى هذا الأساس وكمثال توضيحي، نجد أن من توضأ عند صلاة الظهر مثلًا ثم ارتدى الخفين، وعند وقت العصر حدث ما يبطل الوضوء، فإن بإمكانه أن يمسح على الخفين حتى عصر رابع يوم، أي بعد مرور ثلاثة أيام، ولكن بشرط ألا يخلع الخفين وإلا يتعرض لحدث أكبر مثل الجنابة، ما يجبره على الخلع والطهارة بالكامل.
26إذاً: المسح على الخفين لا يكون من الجنابة، بل الجنابة يجب فيها نزع الخفين وغسل القدمين، وهذا الحديث أعطانا التوقيت للمسافر بأن يمسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليهن، لكن كيف يمسح إذا كان السفر أطول من ذلك؟ بعد المدة المحددة ينزع الخفين، ويتوضأ وضوءاً كاملاً، ويلبس الخفين من جديد، ويستأنف ثلاثة أيام أخرى، وهكذا طيلة سفره له بعد كل وضوء كامل ولبس الخفين على طهارة أن يستصحب الحكم إلى ثلاثة أيام، فهذا حكم للتوقيت في المسح في السفر ثلاثة أيام، وبيان أن الجنابة ليس فيها مسح، فإنه ينزع الخفين ولو بعد اللبس بساعات معدودة، وأعتقد أن هذا القدر في بيان المسألة يكفي، وأنصح بمطالعة أضواء البيان عند آية المائدة، فالشيخ رحمه الله ناقش قضية المسح، مع قضية غسل القدمين ومسحهما، وأتى بتفريع وتعليقات ومسائل تكاد تكون قد أحاطت بموضوع الخفين من كل الجوانب، وقد أُفرِد المسح على الخفين ببعض الكتب، وبالله تعالى التوفيق | ثم جاء موضوع الجورب، فالشافعية يقولون: لا يمسح على الجورب إلا إذا كان صفيقاً منعَّلاً، ومعنى منعَّل: مجعول له نعل من الجلد من الأسفل ليشابه الخف في إمكان المشي عليه، وهم يتفقون ويقولون: كل ما أمكن تتابع المشي عليه جاز المسح عليه، ولكن تتابع المشي أين يكون؟ في الصحراء والخلاء، أم في البيوت؟ قالوا: في البيوت؛ لأن بعض الأماكن لا يصلح المشي عليه حتى بالحذاء الحديث، إذاً: ما يمكن تتابع المشي عليه بأن يمسك نفسه، بقينا الآن في الجورب غير المنعَّل، فعند الأحناف نوع من التوسعة في هذا الموضوع، فكل جورب لبس على القدمين يمسح عليه، والآخرون يقولون: لا |
---|---|
وعن صفوان بن عسال رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم" " يأمرنا إذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة" | ، واختاره ابنُ حَزمٍ قال ابن حزم: فكلُّ ما ذَكَرْنا إذا لُبِسَ على وضوء، جاز المسحُ عليه للمُقيمِ يومًا وليلةً، وللمسافِرِ ثلاثةَ أيَّام بلياليهنَّ |
ثم ذكر أدلة القول بالتوقيت، ثم قال: وحديثهم ليس بالقوي، وقد اختلف في إسناده، قاله أبو داود.
6رواه مسلم ، وهذه المدة تبتدئ مِن أول مرَّة مَسَح بعد الحَدَث وتنتهي بأربعٍ وعشرين ساعةً بالنسبة للمُقيم واثنتين وسبعين ساعةً بالنسبة للمُسافر ، فإذا قدَّرنا أنَّ شخصاً تطهَّر لصلاة الفجر يوم الثلاثاء وبقي على طهارته حتى صلَّى العشاء من ليلة الأربعاء ونام ثم قام لصلاة الفجر يوم الأربعاء و مَسَح في الساعة الخامسة بالتوقيت الزوالي فإنَّ ابتـداء المدة يكون في الساعة الخامسة مِن صباح يوم الأربعاء إلى الساعة الخامسة مِن صباح يوم الخميس فلو قُدِّر أنَّه مسَحَ يوم الخميس قبل تمام الساعة الخامسة فإنَّ له أنْ يُصلِّيَ الفجر أي فجرَ يوم الخميس بهذا المسح ويُصلي ما شاء أيضاً مادام على طهارته لأنَّ الوضوء لا يُنتَقَض إذا تَمَّت المدَّة على القول الراجح مِن أقوال أهل العلم وذلك لأنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُوقِّت الطَّهارة وإنَّما وَقَّتَ المسْح فإذا تَمَّت المدة فلا مسْحَ ولكنَّه إذا كان على طهارة فطهارته باقيةٌ لأنَّ هذه الطهارة ثبتَتْ بمُقتضَى دليلٍ شرعي وما ثبتَ بدليلٍ شرعيٍ فإنَّه لا يرتفع إلاَّ بدليلٍ شرعيٍ ولا دليلَ على انتقاض الوضوء بتمام مدة المسح ولأنَّ الأصلَ بقاءُ ما كان على ما كان حتى يتبيَّن زوالُه فهذه الشروط التي تُشترَط للمسح على الخفَّيْن وهناك شروط أخرى ذكرها بعض أهل العلم وفي بعضها نظر | ويحتمل أنه قال: وما شئت من اليوم واليومين والثلاثة، ويحتمل أنه يمسح ما شاء إذا نزعها عند انتهاء مدته، ثم لبسها |
---|---|
بدأ المؤلف رحمه الله في بيان التوقيت | قوله: أي: لا ننزع الخفين إلا من جنابة، ونبقيهما من غائط وبول ونوم، أخذ العلماء القطع بأن الغائط والبول ناقضان للوضوء، وأخذوا أن النوم ناقض للوضوء من هذا الحديث، أما الغائط والبول فبالإجماع ولا نزاع في ذلك، ولكن النوم حقيقته عند العلماء أنه ليس بناقض، ولكنه مظنة النقض، ومعنى مظنة النقض: أن النوم من حيث هو غلبة النعاس على العين وعلى القلب ليس فيه حدث، ولكن حين ينام الإنسان لا يدرك ما يحدث منه، فهو مظنة أن يقع منه حدث ينقض الوضوء وهو لا يدري بسبب نومه، ولذا جاء في حديث : كنا ننتظر الصلاة حتى تخفق رءوسنا |